بعض الناس من حولك يغارون منك أو يحسدونك على نجاحك أو تميزك أو جمالك أو أي نقطة قوة عندك أنعم الله بها عليك، فكيف تتعامل معهم بطريقة تحافظ فيها على علاقتك وبنفس الوقت لا يأثر أسلوبهم عليك أو على نفسيتك أو على عطائك ونجاحك في الحياة، هناك أربعة أساليب ذكية في التعامل معهم، الأسلوب الأول وهو التجاهل، لأن المغرور يكبر غروره عندما يرى تأثير كلماته أو تصرفاته في تقليل شأن من أمامه عليه، فالتجاهل مفيد للطرفين، بالنسبة للشخص المغرور فإن التجاهل يحرق غروره، أما الآخر فإن التجاهل يحميه ويساعده على المحافظة على صحته ونفسيته، وقد وجهنا الله تعالى للتجاهل ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، ولكن ربما تكون المشكلة أكبر عندما يكون الذي يقلل من شأنك من المقربين مثل أحد والديك أو أخوانك، فالتجاهل الدائم معهم سيكون مستحيلا، وفي هذه الحالة يكون الحل البديل هو التجاهل الجزئي بحكم القرب الشديد منهم، أما لو كان الذي يقلل من شأنك أحد والديك، فما عليك إلا أن تسمعهم كلاما طيبا وتتحمل ولك الأجر عند الله، فلا نقابل إساءتهم بالإساءة كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) والأسلوب الثاني أن تجعل المغرور يرى نجاحك لأنه أهم من سماع كلامك، فالنجاح الصامت هو الذي يأثر في المغرور الذي يريد أن يقلل من شأنك، وخاصة إذا سمع من الآخرين نجاحك أو مدحك أو شكرك أو شاهد تميزك، فالفعل يأثر فيه أكثر من الكلام، لأنك لو رددت عليه بنفس أسلوبه فإنه يشعر بالنصر، وأنه حقق أهدافه في التقليل من شأنك، فالرد العملي أقوى من الرد الكلامي وخاصة للمغرور والمتكبر، لأن قلبه مريض بمرض الغرور والتكبر، وهؤلاء يحتاجون لتعامل خاص حتى لا يؤذونك، وهم بحكم الشخص السفيه الذي أخبرنا الشافعي في شعره كيف نتعامل معه فقال (إذا نطق السفيه فلا تجبه ….. فخير من إجابته السكوت) أما الأسلوب الثالث أن ترد عليه بالكلام عندما يقلل من شأنك، ولكن ردك ينبغي أن لا يكون عدوانيا مثل كلامه، فنحن لا نعامل الناس بأخلاقهم وإنما نعاملهم بأخلاقنا، فمن حقك أن ترد عليه بندية كأن تقول له : هذا الكلام الذي ذكرته يمثلك ولا يمثلني، أو تقول هذا الكلام الذي ذكرته هو رأيك الشخصي وأنا عندي رأي آخر، أو تقول المثل القائل (كل يرى الناس بعين طبعه)، فالمهم أن يكون ردك له نديا وليس عدوانيا، لكن انتبه لهذا الأسلوب لأن بعض المغرورين لو رديت عليه بالكلام يزيد في تقليل شأنك، ففي هذه الحالة توقف واستخدم الأسلوب الأول وهو التجاهل فهو أفضل لك والأسلوب الأخير والرابع أن تكون واثقا من نفسك، فأنت أعرف بنفسك من الآخرين، وإذا أردت أن تأخذ نصيحة فإنك تأخذها من شخص محب لك صادق ومخلص، وليس من مغرور أو متكبر يهمه أن يهينك ويقلل من شأنك، فاعرف ممن تأخذ النصيحة أو الرأي، فالناس أجناس وليس كل انسان يتمنى لك الخير، فمثل ما في أمراض للأجساد فهناك أمراض للقلوب، ومرض الجسد يظهر بوضوح ولكن أمراض القلوب في الغالب لا تظهر أمامك بوضوح، مثل الحسد والكراهية والكبر والغرور والحقد وسوء الظن وغيرها، وقد ألف علماؤنا مؤلفات بهذه الأمراض وشرحوها وبينوا كيف يتخلص منها الإنسانن وكيف يتعامل مع مرضى القلوب مثل أبو حامد الغزالي وابن القيم الجوزية والحارث المحاسبي وغيرهم كثير، فهذه أربعة أساليب ذكية في التعامل مع من يريد أن يقلل من شأنك .
