في الخليج واحد من كل ثلاثة مراهقين يعاني من أعراض نفسية تتراوح بين القلق والاضطراب، وتتفاوت النسب من بلد لآخر وفي بعض البلدان النسبة من واحد إلى خمسة وهذه هي النسبة العالمية بشكل عام، ومن أهم أسبابها ضغط الوالدين في التفوق الدراسي ورغبتهما بالنجاح السريع في الحياة، والمقارنة بين الأبناء مع قلة الحوار الأسري، لأن المراهق يحب النقاش والحوار، وإذا بذل جهدا في الدراسة يحب أن يقدر، فليس كل ضعف في العلامات الدراسية سببها تقصيره بالدراسة ، بل قد يكون السبب من المعلم أو النظام التعليمي، فيعيش المراهق دائما بنفسية الخوف من الفشل أو الرسوب، وهذا يولد توتر ويزيد القلق عنده والسبب الآخر هو التنمر الإلكتروني وإدمان السوشال ميديا والمقارنات الدائمة مع شكله وشعره ولونه ووزنه وحياته مع ما يروج في شبكات التواصل حول الجمال الشكلي والغنى والسفر، فيشعر بأنه منبوذ أو أقل مستوى ممن يشاهدهم في العالم الافتراضي مما يسبب له كره نفسه والعزلة وقلة النوم فتتأثر صحته ويدخل في عالم الاكتئاب والقلق ومن الأسباب محدودية الأنشطة والبرامج الشبابية، مثل الأندية وممارسة الهوايات ومساحات التعبير عن الإبداع وقلة فرص التطوع والمشاركة المجتمعية تجعل الشاب حبيس الجدران في البيت، فيشعر بشعور السجين فيدخل في عالم التوتر والقلق والوساوس وفي بعض الدراسات تفيد أن التوتر والإكتئاب عند الإناث أكثر منه عند الذكور، بسبب تأثير الفتيات أكثر بالتغييرات الهرمونية وحرصهن على متابعة عروض الجمال المثالي عند المشاهير، فيجعلها تقلق من شكلها وجسدها وحتى تكره شعرها فتميل للعزلة فيضطرب أكلها ونومها وتصاب بالاكتئاب إن برامج الوقاية من الأهل مهمة جدا ليتجاوز الأبناء هذه المرحلة الحرجة، فوعي الأهل مهم في هذه المرحلة لو شعروا أن ابنهم أو ابنتهم تظهر عليهما علامات القلق أو الاكتئاب، فلا يعتبرون ذلك دلعا وإنما هي حالة نفسية يمرون بها ولابد من حسن التعامل معها لنساعدهم على الخروج منها بسلام حتى لا تتحول إلى مرض نفسي، هذا أولا، أما ثانيا أن يشرح الأهل لأبنائهم طبيعة المرحلة التي يمرون بها حتى يعرف الشاب والفتاة كيف يتعاملون مع نفسياتهم، ثالثا التركيز على الجانب الإيماني فهو مهم جدا في هذه المرحلة ويريح الشاب والفتاة وخاصة الصلاة والذكر والعمل الصالح والنشاط التطوعي، رابعا هناك أمور مهمة لو طبقها الأهل تساعد المراهق على تجاوز هذه المرحلة بسلام، مثل أن يكون عنده هدف يسعى له سواء كان تعليميا أو رياضيا وصحيا، وأن يعرف هويته فيعرف من هو وما هو دوره وما هي قيمه ؟ ولماذا خلقه الله ؟ وأن يكون مشغولا بهواية أو موهبة يحبها، وأن نحمله مسؤولية يقوم بها ليكون مشغولا بها، ونركز في هذه المرحلة على الترابط الأسري لأن العلاقات والصداقات مهمة في هذه المرحلة، خامسا وهذه قليل من الأهالي يعملونها وهي أن نحبب الطفل منذ صغره بالقراءة فإذا كبر فإنه سيتجاوز مرحلة المراهقة بسلام بسبب انشغاله بالقراءة، لأنه سيمتلك أدوات داخلية في التعامل مع ضغوط الحياة أو المرحلة التي يعيشها، بالإضافة إلى الاهتمام بغذائه ورياضته وصحته، سادسا نعلمه كيف يتعامل مع شعور القلق والاكتئاب وهو الحزن عندما يأتيه، فنعلمه أن الكتابة والفضفضة تريحه ونعلمه أن الحركة والرياضة تنفس عنه، وأن النوم المنتظم يساعده، وأن الصلاة والدعاء مهمين لراحة نفسيته، وانشغاله بهواياته مهم جدا، وتقوية علاقاته الاجتماعية وعدم عزلته، وكلما ربطناه بالقرآن الكريم كلما كان مستقرا وسعيدا، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فلو أخذنا بهذه الأسباب نستطيع أن نقول ليس كل مراهق يمر بمرحلة القلق أو الاكتئاب .
