سأذكر أربع دراسات علمية فيها بعض الأفكار العملية التي تساعد الوالدين على تحبيب أبنائهم بالصلاة من غير الحاح عليهم، الدراسة الأولى أجريت على عشرين دولة بينت أن الأطفال من عمر ثلاث سنوات عندهم ميل طبيعي للإيمان بوجود خالق حتى لو ما تربوا في بيئة دينية، وهذه الدراسة عملت في جامعة أكسفورد عام 2011، والجميل في نتائج الدراسة هذه أنها تبين مدى استعداد الطفل لتوجيهه نحو عبادة خالقه وتعليمه من خلال القدوة في هذه المرحلة العمرية، لأن الطفل بعمر ثلاث سنوات يتعلم من خلال التقليد والمشاهدة، وهذه الدراسة تثبت أن الفطرة الإيمانية موجودة عند الطفل، ودور الأهل هو رعايتها وتنميتها لا فرضها بالقوة، وقد أخبر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أما الدراسة الثانية نشرت في مجلة journal of youth and adolescence أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة دينية عملية، يعني يشاهدون أباءهم يصلون، هم أكثر احتمالا للحفاظ على هذه العادات الدينية في مرحلة المراهقة، ويكونوا أكثر التزاما بالصلاة من الذين أهلهم يأمرونهم بالكلام فقط، ونتيجة الدراسة تفيد أن الأوامر المباشرة بدون القدوة العملية من الوالدين تقلل احتمالية التزام الطفل بالعبادات عندما يكبر أما الدراسة الثالثة فهو بحث قدم في جامعة نوتردام سنة 2016 يبين أن المراهقين الذين ارتبطوا بالدين من خلال أسلوب الحب والرحمة وأن الله غفور رحيم، وأن الصلاة راحة وسعادة حافظوا على عباداتهم بنسبة أعلى بكثير من الذين ارتبط الدين عندهم بالخوف والعذاب والإجبار، وخاصة الأطفال الصغار فلا ينبغي أن نركز معهم على أن الله لا يحبهم ويعذبهم إذا لم يستجيبوا لأوامره، وإنما نحبب لهم العبادة والصلاة بأكثر من وسيلة ليحافظوا عليها، ونزين الله تعالى لهم في عقولهم أما الدراسة الرابعة فهي دراسة كندية عملت سنة 2019 م وأظهرت أن الطفل إذا ارتبطت عنده الصلاة أو الدعاء بلحظات سعيدة (مثل دعاء الأم له وقت النوم، أو صلاة جماعة في جو هادئ) يكوّن ارتباطًا عصبيًا إيجابيًا يجعله ينجذب للعبادة حتى بلا أوامر، ولعل هذه الفكرة تفتح علينا أفكار عملية كثيرة نستطيع أن نقترحها على القارئ ليجعل طفله يحب الصلاة من غير الحاح ومن هذه الأفكار أن نشرح له قصة فرض الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج ليعرفوا أهميتها، كما نشرح لهم مقاصد العبادة وأهمية أن يتصل الإنسان بربه خمس مرات باليوم يذكر الله ويدعوه، ولا مانع من أن نضرب لهم مثال قريب من تفكيرهم مثل شحن الجهاز أو الهاتف، والإنسان يحتاج أن يشحن روحه بالإيمان والاتصال بالله، كما يشحن عقله بالعلم ويشحن عضلاته بالرياضة، ومن الأفكار أن نحرص على صلاة الجماعة في البيت حتى يتعود الأطفال عليها، ولا مانع أحيانا أن نجعلهم يصلون بنا حتى نعزز ثقتهم بأنفسهم دينيا، ونشجعهم ونذكر لهم قصص من السيرة أو الصحابة رضي الله عنهم كيف كانوا يحرصون علي الصلاة، ولعل أهم شيء يجعلهم يحافظون على الصلاة هو الأسلوب، فبدل أن نستخدم أسلوب الأوامر مثل (قم صلى) نستخدم أسلوب آخر نشجعهم على الصلاة مثل (باقي نص ساعة على أذان المغرب يالله شد حيلك) أو (الآن وقت أن نشحن بطاريتنا إيمانيا) أو (حان وقت لقاء الله تعالى) أو (الله يفرح لما الإنسان يصلى بوقته) أو (الملائكة تنتظرنا الآن حتى نصلى) وأساليب كثيرة ممكن نستخدمها تشويقا وتحبيبا للصلاة بدل الأوامر .
