القوقعة هي الجسم الصلب الذي يحمى الكائنات البحرية مثل المحار والحلزون، وقد أطلقت هذا الوصف على أساليب بعض الآباء والأمهات في التربية، والمقصود بنظام (القوقعة ) هو الحماية الزائدة للطفل من خلال أمرين : الأول العاطفة المبالغ فيها تجاهه، والثاني التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياته واختياراته وقرارته، فهذا الأسلوب التربوي أطلقت عليه مسمى (القوقعة التربوية)، وسلبية هذا الأسلوب التربوي أكثر من ايجابياته، وإن كانت نوايا الآباء حسنة إلا إن نتائج تربيتهم تكون سيئة وهناك أربع علامات للتربية القوقعية، أولها أن لا يسمح للطفل أن يخطئ فتكون المراقبة شديدة عليه، وثانيها لا يسمح للطفل بمواجهة الصعاب والتحديات أثناء لعبه ودراسته وعلاقاته وحتى أثناء نومه وطعامه، ثالثها يعفى الطفل من تحمل المسؤولية تجاه الأعمال التي يقوم بها أو من مسؤوليات البيت أو أخوانه وأقربائه وحتى دراسته وحل واجباته، ورابعها أن لا يؤخذ برأيه سواء في ملابسه أو طعامه أو الأنشطة والبرامج التي يحب أن يمارسها بحجة أنه صغير، وكأن الطفل في هذه الحالة يربى على أن الدنيا التي يعيشها خطيرة جدا، وأنه لا يستطيع حماية نفسه وإنما الحماية فقط من أمه وأبيه، فهذا الفهم الخاطئ للتربية موجود عند كثير من الآباء والأمهات ومن أمثلة التربية القوقعية، أم تناقش المعلمة بدرجات ابنتها في المرحلة الثانوية وكأن البنت لا لسان ولا عقل لها، أوأب يمنع ابنه من الاشتراك بأي نشاط خارجي أو نادي أو حتى الذهاب للمسجد، وغيرها من الأمثلة الكثيرة في الحماية الزائدة والتدخل الشديد في تفاصيل حياة الأبناء، وكلها بدافع الحب، ولكن هذا الحب نسميه بالحب القاتل، ويكون الطفل كأنه محبوس في (سجن ناعم)، فتكون النتيجة والثمرة التربوية أن الطفل ينشأ ولديه هشاشه نفسية، وضعف أو تردد في اتخاذ القرار، وقلق اجتماعي بسبب العزلة والتربية القوقعية، وخوف من الرفض والفشل والخسارة أثناء اللعب أو النقاش والحوار، ويكون دائما معتمد على الآخرين وليس لديه الثقة على أن يقوم بالمهام وإنجاز الأعمال، وبعض من تربى تربية قوقعية يكون لديهم مستقبل غامض قد تعتريه أمراض نفسية أو سلوكية، وفي الغالب هذه الصفات السلبية لا ترى في السنوات الأولى للتربية وإنما تظهر مع الوقت وعند الكبر فليس من مفاهيم التربية أن نزيل الأشواك من أمام الطفل، وإنما التربية أن نعلمهم كيف يتجاوزون الأشواك أو يمشون عليها بثبات أو يحسنون التعامل معها بذكاء، فالتربية القوقعية هي أن نربي الطفل بمنهج (أننا معك ونعيش بمكانك) وهذا خطأ تربوي، والمفروض أن نربي الطفل على منهج (أننا بجانبك ولن نعيش مكانك)، فمن فوائد القوقعة أنها تحمي اللؤلؤة حتى تكبر ولكنها تظل محبوسة فيها، أما تربية الأبناء فقد نشدد الرقابة على الطفل الصغير ولكن لا نستمر بهذا الإسلوب حتى يكبر، فاللؤلؤة ممكن حبسها لأنها لا تتحرك، أما الطفل فاستمرار حبسه مضر له، لأنه يكبر ويتحرك ويلعب ويخرج فيصلح له نظام تربوي مختلف عن الحبس والقوقعة، وإنما نعلمه كيف يكون له جناحان حتى يتعلم الطيران، ويعتمد على نفسه في التعامل مع تقلبات الجو وحرارة الشمس وزخات المطر، فيعتمد على نفسه ويتحمل المسؤولية ويتهيأ لحمل رسالة السماء، قال تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان)
