الرجل بطبيعته يحب إذا بدأ أي مشروع في حياته أو عاش يومياته أن يستمر به ولا يتخلى عنه، وتكوين الأسرة من المشاريع التي يراها الرجل أهم مشروع في حياته، ولهذا من الصعب عليه أن يتخلى عنها بسهولة، فالرجل مرتبط عاطفيا بأسرته حتى ولو لم يظهر حرصه عليها أو قوة حاجته بها، والطلاق يعني بالنسبة له فقدان هذا الرابط وضياع حلم العمر الذي يتمنى تحقيقه، فهذا هو السبب الأول في صعوبة تلفظ الرجل بالطلاق والتخلي عن عائلته أما السبب الثاني فهو مقاومة الرجل للفشل بشكل عام، فالرجل لا يحب أن يرى نفسه فاشلا، والطلاق بالنسبة له فشل في استمرار العلاقة الزوجية وحماية الأبناء وتأمين مستقبلهم، والشعور بالفشل يرفضه لأنه يؤثر كثيرا على صورته الذهنية لنفسه، فكل رجل يهمه أن تكون صورته الذهنية عن نفسه أنه انسان ناجح في الحياة، والطلاق يحطم هذه الصورة أما السبب الثالث الذي يجعل الرجل يتردد كثيرا بالطلاق على الرغم من عدم استقرار زواجه أو فشله، مسألة التكاليف والمسؤوليات، فهو يعرف أن بعد الطلاق ستكون عليه التزامات مالية كثيرة سواء على البيت أو الزوجة أو الأبناء أو لو فكر بفتح بيت جديد، كما أن المصاريف القانونية والصحية ترهقه وتعيق مواصلة حياته بنجاح، والسبب الرابع هو حب الرجل في أن يكون قريبا من أبنائه حتى ولو كان مقصرا معهم، فهو يحب أن يراهم وهم يكبرون أمامه، ويعلم أن الطلاق فيه تشتيت للعائلة وبعد الأطفال عنه، وأن الرؤيا ستكون لساعات قليلة وهذا يسبب له ألما داخليا وشعورا بأنه يعيش وحيدا، والوحدة للرجل قاتله، لا يحبها ولا يرغب بها وخاصة إذا كانت دائمة، فالخوف من الوحدة والفراغ العاطفي وخاصة إذا لم يكن الرجل اجتماعيا أو غير مشغول، فإنه يحرص على وجود الزوجة والأبناء في حياته حتى ولو لم تكن حياته الأسرية ناجحة أما السبب الخامس فهو رفضه لنظرة الناس أو المجتمع من حوله بأنه رجل فاشل عندما يطلق زوجته ويشتت أبنائه، وأنه لم يستطع حماية أسرته واستقرارها، فيبذل كل جهده من أجل استمرار الأسرة وعدم الطلاق، ولعل هذا مرتبط بالسبب السادس وهو أهمية الذكريات والحنين في عالم الرجال، فحتى في حالة كثرة الخلافات والمشكلات في الحياة الزوجية إلا إن هناك لحظات جميلة تبقى عالقة بالذهن، وهو يستمتع بالعيش بهذه الذكريات ويرى فيها الحب والمودة ويتوقع مع مرور الزمن ستتحسن حياته الأسرية أما السبب الأخير فكثرة توجيه أقرباؤه ومن حوله له بالصبر وعدم التسرع وتأخير التفكير بالطلاق، ومع وجود هذه الأسباب إلا إن هناك رجال يطلقون سريعا، ولهذا عدة أسباب منها أن تكون شخصيته مندفعة وعنده ضعف في النضج العاطفي، أو يكون تعامله مع المشاكل في حياته بالتخلص منها وليس بإصلاحها، فهؤلاء يطلقون بسرعة وخاصة إذا كان متكبرا أو مغرورا أو متأثرا ببعض الشعارات المزيفة الحديثة المنتشرة في شبكات التواصل الاجتماعي مثل (أسعد نفسك وتخلص من كل شيء يضايقك) إن في التشريع الإسلامي حكمة عندما حمل الرجل مسؤولية البيت والزوجة والأبناء من حيث الإعاشة والإنفاق وتحقيق الأمن والأمان، فكل هذه المسؤوليات عندما يلزم بها الرجل لا يفكر بالطلاق سريعا، وإنما يحاول ويحاول أكثر من مرة لعلاج أي مشكلة تواجهه في حياته العائلية، فالطلاق السريع مذموم في الإسلام، والأصل في الطلاق أن يكون أخر الحلول ..
